رئيس الهيئة الاستشارية لـ” المنبر الإسلامي” الأستاذ خالد القطان يكتب: هل يطول البيات الشتوي للجمعيات السياسية؟!

المحرق- 27 ديسمبر 2021

هل يطول البيات الشتوي للجمعيات السياسية؟!

بقلم خالد القطان*

منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد في العام 1999ومروراً بميثاق العمل الوطني وإقرار القوانين المنظمة للعمل السياسي المتمثلة في قانون مباشرة الحقوق السياسية” وقانون الجمعيات السياسية” وقد بدأت مرحلة سياسية جديدة في مملكتنا الحبيبة شاركت فيها وبقوة وحماس جميع التيارات السياسية من خلال إنشاء جمعيات سياسية معبرة عن هذا التوجه أو ذاك وبلغ عدد الجمعيات السياسية حينها 18 جمعية سياسية ونجحت عدد من هذه الجمعيات في تشكيل مجلس النواب بأغلبية ساحقة  في فصلين تشريعيين متتاليين منذ العام 2002 وحتى 2010، إلا أن هذا الحال لم يدم طويلاً  فعدد الجمعيات السياسية  تقلص إلى عشرة جمعيات بعد حل خمسة جمعيات نفسها طواعية وحل ثلاثة أخرى بأمر قضائي، وسرعان ما تحولت الأغلبية  النيابية التي كانت تشكلها الكتل النيابية للجمعيات إلى أقلية ثم تلاشت شيئاً فشيئاً حتى أصبح المستقلون يسيطرون على المجلس سيطرة كاملة.      

 وها نحن اليوم وبعد مرور عشرين عاماً على صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي فتح المجال للعمل السياسي وظهور الجمعيات السياسية، تشهد الساحة السياسية تراجعاً كبيراً في عمل الجمعيات السياسية وغياب دورها في الساحة المحلية فضلا عن انحسار النشاطات بصورة شبه تامة بعدما تراجع الحراك السياسي في البحرين بشكل عام، فأضحت عدد من هذه الجمعيات في بيات عميق في شتاء السياسة وبعضها ليس لها وجود عدا مقر يحمل لافتة والبعض الآخر يسعى جاهداً أن يظل  على قيد الحياة من خلال  نشاطها داخل المقرات ويعتمد هذا النشاط في الغالب على ندوات أسبوعية أو وقفات تضامنية لم تعد تستهوي الكثير من المتحمسين للسياسة كالسابق.

 إن مظاهر الضعف وأسبابه واضحة وجلية لكل ذي عينين وهي تتمثل في ضعف التمثيل النيابي وإغلاق بعض الجمعيات الاختياري وحالة الإحباط العام التي تسود نشطاء المجتمع المدني من الواقع الذي تعيشه البلاد سياسيّاً واقتصاديّاً، وتعقيدات الوضع السياسي والأمني في المنطقة والإقليم، كما أن  قلة الموارد المالية في مقابل مبالغ طائلة تتطلبها الأنشطة والفعاليات والحملات الانتخابية تفوق قدرة الجمعيات السياسية، الأمر الذي يجعل إمكانية تطوير الحراك السياسي من قبل الجمعيات بطيئا أو غير ممكن، كما تتعامل المؤسسات الحكومية مع الجمعيات السياسية وكأنها «آفة» دخيلة على المجتمع ينبغي محاربتها والتوجس منها، مما ينعكس على اسلوب تعاملها مع الجمعيات او مع اعضائها والتضييق عليهم بشكل كبير، كل هذا وهذا جزء من كل يتطلب تدخل من قبل القيادة الحكيمة لإنقاذ الجمعيات ودفع مياه جديدة غير آسنة في نهر السياسة.

إن الجمعيات السياسية هي إحدى ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى وهي جزء أصيل من النظام الديمقراطي في البلاد وشريك وطني أساسي في مختلف القضايا الوطنية ولها دور كبير في طرح الرؤى لمعالج مشكلات المجتمع وتعزيز الانتماء الوطني وثقافة حقوق الإنسان والحوار والتعايش ينبغي دعمها من خلال إلغاء المعوقات والقيود المفروضة عليها في قانون الجمعيات السياسية وفتح المجال العام لها لممارسة دورها الوطني والسياسي، فلاحياه ديمقراطية أو سياسية دون أحزاب (جمعيات).

إن ما تمر به الجمعيات السياسية الآن في البحرين أشبه بالبيات الشتوي السياسي نأمل ألا يطول أو أن يتحول إلى موات سياسي وتخسر البحرين تجربة تميزت بها في المنطقة.رئيس الهيئة الاستشارية

شاهد أيضاً

الكاتب الأستاذ محمود حسن جناحي يكتب لنشرة المنبر: حرب غزة بين خصوصية الحدث وعمومية القضية

المحرق – الأثنين 26 فبراير 2024 يمثل “طوفان الأقصى” حدثا غير مسبوق في تاريخ القضية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *