المحرق _ 11 مايو 2022
بحسب بيانات وزارة المالية، التي نقلتها وكالة أنباء البحرين الشهر الماضي، فإن العجز الكلي للميزانية العامة لمملكة البحرين يبلغ1.08 مليار دينار (2.88 مليار دولار).
وتسجل ميزانية البحرين عجزاً منذ عدة سنوات. ففي عام 2018 بلغ 1315.5 مليون دينار (3498.6 مليون دولار) أي 9.9% من الناتج المحلي الإجمالي. وبهذا يكون العجز تجاوز معايير اتفاقية الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي والتي تنص على أن لايزيد معدل العجز المالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي عام 2009 بلغ حجم الديون 1348 مليون دينار. وفي فبراير 2019 وصل إلى 11457 مليون دينار. وفي العام 2020 بلغ 1.67 مليار دينار (4.45 مليارات دولار). كما تضاعفت الفوائد خلال هذه الفترة عشر مرات.
في حين ذكر تقرير الرقابة المالية والإدارية بأن رصيد الدين العام للدولة بلغ في 31 ديسمبر 2020 حوالي 15 مليار دينار، مقارنة بحوالي 13.6 مليار دينار في العام 2019، وبنسبة بلغت 115% من الناتج المحلي للعام 2020 (بالأسعار الجارية)، مقارنة بنسبة 93% للعام 2019.علماً بأن اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجية تقضي بأن لا يتجاوز الدين العام 60% من الناتج المحلي الإجمالي. وتتضح خطورة ديون البحرين عند معرفة أن البحرين تدفع فوائد أكثر من 500 مليون دينار عن هذه الديون وبالتالي ففوائد الديون تتسبب في ارتفاع الإنفاق العام وبالتالي العجز المالي.
مما سبق يتضح أن البحرين تعاني من أزمة مالية كبيرة تتطلب إجراءات ومعالجات متوازنة، وقد أعلنت الحكومة بالفعل عن برنامج التوازن المالي ورصدت الوزارة بعد البدء في هذا البرنامج ارتفاع إجمالي الإيرادات العامّة، مع محافظة المملكة على تنفيذ المشروعات الحكومية التي تهدف للوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي والتوازن المالي. فقد ارتفعت إيرادات البحرين في العام الماضي بنسبة 23 بالمئة إلى 2.564 مليار دينار (6.84 مليارات دولار)، من 2.082 مليار دينار (5.55 مليارات دولار) في عام 2020. وفي المقابل، انخفض إجمالي المصروفات العامة بنسبة 3 بالمئة، إلى 3.644 مليارات دينار (9.72 مليارات دولار) في 2021، من 3.753 مليار دينار (10.01 مليارات دولار) في العام السابق.
ويتضح من الأرقام السابقة والمعلنة من قبل وزارة المالية أن برنامج التوازن المالي أدى إلى تقليص العجز لكن التساؤلات المشروعة التي تطرح نفسها هنا هل تسبب هذا البرنامج في تراجع مستوى معيشة المواطنين عن طريق الضرائب وارتفاع أسعار السلع والخدمات وانخفاض الدخول أم لا؟ والإجابة بالقطع يعلمها كاتب هذه الأسطر وقارئها وجميع المواطنين والمقيمين على أرض مملكتنا الحبيبة، بالقطع هناك تراجع كبير في مستوى معيشة المواطنين وبالتالي يجب مراجعة إجراءات التوازن المالي بل سنذهب إلى أبعد من ذلك ونقول بضرورة مراجعة الأسس التي تقوم عليها الميزانية فبدون أساس جيد ومتين فإن البناء سيظل غير ثابت وغير مستقر، ومن أهم الأسس التي تقوم عليها الميزانيات أن كل إيرادات الدولة من جميع الشركات والهيئات يجب أن تصب في الميزانية العامة للدولة في حين أننا في البحرين هناك أموال مبعثرة كثيرة خارج الميزانية مثل أموال الشركة القابضة للنفط والغاز وما تحتويه من شركات على رأسها بابكو وبافكو وبنا غاز وبتروكيماويات وتطوير حيث لاتساهم في الميزانية سوى بـ 56 مليون دينار فقط مقابل إيراداتها الضخمة بالإضافة إلى شركة ممتلكات وما تحتويه من أموال 38 شركة، وأتذكر في العام 2016 حينما كنت عضو اً بمجلس النواب سألت وزير المالية حينها عن الجهات والمؤسسات التي لاتضع إيراداتها في ميزانية الدولة فقال:«لم تتمكن شركة ممتلكات من إدراج إيراداتها ضمن الموازنة العامة للدولة حتى حينه». وأوضح أن هذه الجهات التي لا تضع إيراداتها وتضمها ممتلكات تبلغ 14 هيئة، هي: غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، هيئة الكهرباء والماء، ديوان الرقابة المالية والإدارية، هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، نادي راشد للفروسية وسباق الخيل، مستشفى الملك حمد، جامعة البحرين، كلية المعلمين، البلديات، بورصة البحرين، شركة ممتلكات البحرين القابضة، بنك الإبداع، بنك الأسرة، بنك البحرين للتنمية”، فهل ياترى ماتزال هذه الإيرادات لا تدخل إيرادات الميزانية أم لا؟
نستنتج من كل ما سبق أنه بدون دخول جميع الإيرادات إلى ميزانية الدولة تظل الأرقام المعلنة والتي سبق ذكرها من عجز وديون غير حقيقية ولاتستند إلى أسس علمية صحيحة ‘لنعلم أولاً الأرقام الحقيقية لإيرادات الدولة داخل الميزانية وخارجها وساعتها سنعلم حقاً هل هناك عجز أم لا، ولا أجد تعبيراً يعبر بدقة عن وضع الميزانية سوى “يعرف المجنون ما في بيته أكثر مما يعرف العاقل ما في بيت الآخرين”.