الذكاء الاصطناعي ومعدلات البطالة.. بقلم: هشام كشفي*

المحرق – الأثنين 26 فبراير 2024

رغم أن للذكاء الاصطناعي يعتبر من التقنيات الحديثة في دولنا العربية، ولكنه وبشكل سريع اصبح من التقنيات التي لا يمكن الاستغناء عنها في كثير من مجالات الحياة، ولا سيما في الوزارات والمصانع والشركات التجارية التي وجدت نفسها مرغمة على الاعتماد عليه لمواكبة التطور والتقدم التكنولوجي، والصمود في وجه المنافسين لها في السوق.

عندما نتحدث عن تأثير الذكاء الاصطناعي في رفع نسبة البطالة، يجب أن نأخذ في الاعتبار العديد من العوامل المعقدة التي تؤثر في سوق العمل وتشكل البطالة. يعتبر الذكاء الاصطناعي تطورًا تكنولوجيًا هائلاً يمكن أن يؤثر على بعض جوانب سوق العمل، ولكنه في الوقت نفسه يمكن أن يخلق فرصًا جديدة ويساهم في تحسين الاقتصاد.

من الجانب الإيجابي، يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة في العمليات الصناعية والخدمات. يمكن للروبوتات والأنظمة المتقدمة والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي أن تقوم بالعديد من المهام الروتينية والمتكررة بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر، مما يتيح للشركات تحقيق الكفاءة وتوفير التكاليف. وبالتالي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاج والطلب على المنتجات والخدمات، وبالتالي إلى إنشاء فرص عمل جديدة.

ومع ذلك، يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي أيضًا تأثير سلبي على بعض فئات العمالة ويسهم في زيادة البطالة في بعض القطاعات. يمكن للتقنيات المتقدمة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي أن تحل محل البشر في بعض الوظائف التقليدية، حيث تم الاستغناء عن وظيفة المذيعين على شاشة التلفاز بآخرين من غير البشر يقومون بالمهمة بكفاءة عالية. كما أن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي قد حل محل العمالة ذات المهارات المنخفضة والعمالة في بعض الصناعات التقليدية مما أثر تسبب لفقد هذه العمالة للوظائفها.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل العمالة في بعض القطاعات. قد تستثمر الشركات في تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة لتقليل تكاليف العمالة وزيادة الربحية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تسريح العمالة بشكل جماعي وزيادة معدلات البطالة في تلك القطاعات المتأثرة.

مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الذكاء الاصطناعي أيضًا يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة. فمع التطور التكنولوجي، يمكن أن يحتاج الناس إلى مهارات جديدة لتطوير وصيانة تلك التقنيات الجديدة. قد يتطلب العمل باستخدام الذكاء الاصطناعي مهارات تحليلية وبرمجية وقدرة على التعامل مع البيانات الكبيرة (Big Data)، وهذا يفتح أبوابًا لفرص عمل في مجالات مثل تطوير البرمجيات والتحليلات البيانية والذكاء الاصطناعي ذاته.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في خلق قطاعات اقتصادية جديدة تتطلب مهارات فريدة. على سبيل المثال، قد تنشأ فرص عمل في مجالات تطوير الروبوتات والتعلم الآلي وتصميم وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

بشكل عام، يمكن القول أن الذكاء الاصطناعي يؤثر على سوق العمل بشكل معقد ومتنوع. يمكن أن يساهم في زيادة البطالة في بعض القطاعات وتقليل العمالة في الآخرين، وفي الوقت نفسه يمكن أن يفتح أبوابًا لفرص عمل جديدة في مجالات متعددة. لذا، من الضروري أن تتطور السياسات الاقتصادية والتعليمية وأن توفر التدريب المناسب لتمكين العمالة من مواكبة التغيرات التكنولوجية والاستفادة من فرص العمل الناشئة في عصر الذكاء الاصطناعي.
*عضو الأمانة العامة
لجمعية المنبر الوطني الإسلامي

شاهد أيضاً

الكاتب الأستاذ محمود حسن جناحي يكتب لنشرة المنبر: حرب غزة بين خصوصية الحدث وعمومية القضية

المحرق – الأثنين 26 فبراير 2024 يمثل “طوفان الأقصى” حدثا غير مسبوق في تاريخ القضية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *