الكاتب جمال زويد يتساءل: من أوصى بإلغاء الزيادة السنوية؟!

المحرق- 18 يناير 2021

سؤال بحثت عن إجابته على مدار أكثر من أسبوعين فلم أتمكن من الحصول عليها؟  تتبعت توصيات الخبير الاكتواري الذي يستندون إلى تقاريره فوجدت الآتي: نشرت جريدة البلاد بتاريخ 25 يناير 2020 تقريراً بعنوان” توصية الخبير الاكتواري لإدارة التأمينات: ارفعوا سن التقاعد واخفضوا المعاش” جاء ضمن محتوياته ما يلي:” الحد من زيادات التقاعد السنوية ويتم ذلك من خلال فهرسة المبالغ بمعدل أقل من 3% الموجودة حالياً”. أي لا توجد توصية بالإلغاء في التقرير.

ونشرت الصحيفة الإلكترونية (دلمون بوست) بتاريخ 15 أغسطس 2020 تقرير الخبير الاكتواري الأخير للتأمينات الاجتماعية الذي جاء فيه بالنص” تحديد زيادات المعاشات السنوية عن طريق الفهرسة بمعدل أقل مقارنة بنسبة 3% في السنة الحالية بحيث لا تتجاوز نسبة التضخم والتي تبلغ 2.2% هذا العام أو يمكن تنفيذه ضمنيا بإدخال حدّ أقصى للمعاش التقاعدي وعمليا يزيد إجمالي الراتب التقاعد السنوي بمقدار 4% في المتوسط” أي لا توجد توصية بالإلغاء في التقرير.

قمت بالبحث في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي هو الجهة الرسمية التي تكشف مواقع الخلل والقصور – تعبير مهذّب للفساد – وتوصي بمعالجات وإصلاحات حيث كان لصناديق التقاعد نصيب وافر في تلك التقارير منذ إنشاء هذا الديوان الموقر الذي أصبح بجهوده مرجعية موثقة وجهة رقابية شبه وحيدة بعد أن تراجع أداء السلطة البرلمانية وتخلّت أو نست خاصة واجبها الرقابي وأصبحت لأسباب ما – ربما لا علاقة لها بالاختصاصات والصلاحيات – مجرّد مجلس للاقتراحات برغبة.

يقول التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية 2014-2015م في الصفحة (337) تحت عنوان توصيات الخبير الاكتواري حيث ذكر التوصيات، ومنها” عدم تجاوز نسبة الزيادة السنوية في معاشات المتقاعدين عن معدّل التضخم السنوي ” أي لا توجد توصية بالإلغاء في التقرير.

كما يذكر التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية 2016-2017م في الصفحة (10) أسباب عجز الصناديق فيقول بالنص:” تتمثل أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث العجوزات في صناديق التأمين الاجتماعي فيما يلي: – تخفيض نسب الاشتراكات دون أن يقابلها تخفيض في المنافع التأمينية. – استحداث منافع تأمينية جديدة وزيادة منافع قائمة دون توفير التمويل اللازم لتغطية تكاليفها. – قيام الحكومة بتعويض الصناديق بالتكاليف الفعلية لبعض المنافع المستحدثة بدلا من التكاليف الاكتوارية” ولم تكن في تفاصيل التقريرعن المنافع التأمينية المذكورة أي إشارة عن الزيادة السنوية. أي لم تكن الزيادة السنوية من ضمن تلك الأسباب ولم يأت أي طلب بإلغائها.

ومثلما قلنا فإن تقارير ديوان الرقابة حافلة بأوجه الخلل وسوء الإدارة ومسببات هذا العجز الذي يُراد للمتقاعدين تحمّل نتائجه وتبعاته دون أن يكون لهم يدٌ في حصوله! من هذه الوجوه مثلاً ما ذكره تقرير الرقابة السنوي 2014-2015م  في الصفحة (352) : ” وبالرغم من قيام الهيئة باحتساب المبالغ الفعلية المستحقة على الحكومة في كلا الصندوقين غير أنها لاتُخطر وزارة المالية بالمبالغ المتبقية على الحكومة ولاتطالب بها ولاتسجلها في دفاترها ضمن الذمم المدينة المستحقة لها . وفي حدود ما توفر لمدققي الديوان من مستندات وبيانات حول مستحقات الهيئة على الحكومة خلال الفترة من يناير 2009 إلى ديسمبر 2014م تبين أن المتأخرات المتراكمة على الحكومة قد بلغ مجموعها في نهاية 2014 مبلغ 53.5 مليون دينار”. تصوروا؛ لاتخطر ولاتطالب ولاحتى تسجله في دفاترها.

كما تطرق ديوان الرقابة المالية إلى استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي فيذكر في تقريره السنوي 2016-2017م في صفحة (375) فقرة تحمل عنوان ( الأراضي غير المستغلّة ) جاء فيها : ” لوحظ أنه بالرغم من مضي نحو ثلاث سنوات على بدء نشاط الشركة – أملاك- وجود 19 أرضاً (بدون أرض قلالي) غير مستغلة من أصل (27) أرضاً تديرها الشركة لصالح الهيئة وتبلغ القيمة السوقية للأراضي غير المستغلّة 74% من القيمة السوقية لكافة الأراضي المحوّلة للشركة حيث اكتفت الشركة بإجراء دراسة حول فرص استثمار تلك الأراضي تعود إحداها إلى أكثر من سنتين ونصف إلا أنها لم تقم حتى تاريخ انتهاء أعمال الرقابة في نوفمبر 2016م بتنفيذ توصيات تلك الدراسة أو البحث في أي فرص أو خيارات استثمارية أخرى لاستغلالها” .

أكتفي بهذه المقتطفات من صفحات مليئة بالأسباب والوقائع التي أدت إلى هذه المآلات لصناديق التقاعد، أسهب في ذكر تفاصيلها ديوان الرقابة المالية في تقاريره السنوية تتعلق بعضها بتقاعد الوزراء والنواب والشوريين وماشابهها من اختلالات ولم يكن من بينها إطلاقاً – بحسب بحثي المتواضع – ما يشير إلى أن الزيادة السنوية كانت من بين تلك الاختلالات أو أحد أسباب تلك المآلات والعجوزات.

غني عن البيان أيضاً أن مجلس النواب منذ تأسيسه في العام 2002 ضمن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدّى قد شكّل ثلاث لجان نيابية تخص صناديق التقاعد؛ وبحسب متابعتي المتواضعة أيضاً فإن أيّاً من توصيات هذه اللجان لم تشر إلى الزيادة السنوية للمتقاعدين، لامن قريب أو بعيد.

كما أن برنامج عمل الحكومة الموقرة للأعوام 2018 -2022 الذي وافقت عليه السلطة التشريعية في بداية عملها في دور الانعقاد الأول 2018-2019 لم يتضمن وقف أو إلغاء الزيادة السنوية للمتقاعدين. وبالتالي يكون السؤال المنطقي المحيّر لماذا رفع مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي توصيته بإلغاء الزيادة السنوية للمتقاعدين مادام أن الخبير الاكتواري لم يوص بها، ولم تتضمنها توصيات وملاحظات التقارير السنوية لديوان الرقابة المالية على كثرتها، ولم يطالب بها مجلس النواب في تقارير لجانه الثلاث عن التقاعد، ولم يطلبها أو يشملها برنامج عمل الحكومة للأعوام 2018 -2022؟!! حقيقة إنه سؤال محيّر؛ من أوصى بإلغائها، ولماذا؟!!

سانحة:

غالب الظن أن مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي الذي رفع توصية إلغاء الزيادة السنوية للمتقاعدين دون أي سند أو توصيات من أية جهة رقابية أو استشارية قد ذهب إلى أسهل الخيارات المعمول بها لمعالجة الأزمات والعجوزات، وهي جيوب المواطنين.

شاهد أيضاً

الكاتب الأستاذ محمود حسن جناحي يكتب لنشرة المنبر: حرب غزة بين خصوصية الحدث وعمومية القضية

المحرق – الأثنين 26 فبراير 2024 يمثل “طوفان الأقصى” حدثا غير مسبوق في تاريخ القضية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *