المحرق – الثلاثاء 20 فبراير 2024
كلنا يعرف الدواء الشعبي “الحَلول” وهو خليط من الأعشاب يستخدم في علاج أمراض البطن وأوجاعه ويقوم المريض بشرب هذا الدواء الشعبي ومن ثم يدخل في حالة شديدة من الإسهال وكان آباؤنا الأولون يقومون بهذا الإجراء بشكل دوري كل سنة لتنظيف البطن والشعور بالراحة بعد استعماله.
وكذلك معروفةٌ قصة ”حلول يمعة”، وهو ذلك العطار الذي غش الناس ببيع هذا الدواء كريهه الطعم ولكن لم يكن يؤدي هذا الدواء مفعوله المتعارف عليه. فأصبح “ حلول يمعه” مثلا يضربه الناس على كل حل ٍ لمشكلة يتجرع مرارته صاحب المشكلة ولكن لا يفضي إلى أي حل يرجوه.
وقياسا على “حلول يمعه” فقد تجرع الشعب الفلسطيني على مر عقود الصراع مع العدو الصهيوني تجرع مرارة العدوان الصهيوني من جهة ومن جهة أخرى تجرع مرارة حلول السلام المزعوم وحل الدولتين.
ولكن ونحن نعيش نتيجة معاهدات السلام في أبهى صورها بعد أن رعتها القوى العالمية الكبرى طوال هذه العقود نراها بعدما أفرزت “شكل دولة” لا تستطيع حتى إصدار رخص البناء على اراضيها ولا تمتلك ميناءً ولا مطارًا، ويصول العدو فيها ويجول بلا “احم ولا دستور”. هذه الدولة التي لا سيادة لها على ماءها الذي تشربه، ولا بحرها الذي تبحر فيه، ليس لها قرار على ثروات باطن أرضها. ولا حق لها حتى في سمائها.
تمخضت القوى العالمية فولدت فأرا. بجانب غول سخرت له أموالًا لا حد لها، ومدته هذه القوى بأفضل ما وصلت له البشرية من العدة والعتاد. وأعطيت شيكًا مفتوحًا في سفك الدماء وإبادة الشعب الفلسطيني. وجيشت له وسائل الإعلام العالمية لتلمع سوءته وتستر عورته.
أما اليوم فالحديث عن “حل الدولتين” حديث جرفه طوفان الأقصى، بعد أن شاهد العالم بسالة المقاومة الممتدة عروق تاريخها إلى بدايات الصراع مع العدو مروراً بالحروب مع الجيوش العربية ثم الانتفاضات ووصولاً إلى حروب غزة مع هذا العدو المتغطرس. شاهدنا مقاومة تحصد ثمار غرسها بإحدى الحسنيين، وتفرض شروطها في كل مرة على عدوها برغم فداحة الخسائر البشرية والمادية، لكن بإيمانها أن تحرير الأرض لا يكون إلا ببذل أغلى الأثمان.
كما أسقط ” حل الدولتين” تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني ووزراء حكومته الذين أعلنوا بكل وقاحة رفضهم لإقامة الدولة الفلسطينية استناداً إلى دوافع عقائدية.
اليوم المقاومة ومن خلفها حاضنتها الشعبية في كل أقطاب الأمة استوعبت الدرس جيدًا، وكفرت بكل الوعود الكاذبة التي خُدع بها المتغنون بسلام المنهزمين، والذين طالما نزلوا أسقف المطالب وتنازلوا عن حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وباعوا كل ذلك ليشتروا أوهاما. فالمقاومة فهمت ذلك تماما وبدأت مسيرة التحرير والإعداد لمعركة الفتح المبين. موقنة بوعد الإله لتسير على هذه الطريق الذي تعرف أنها ستدفع ثمنا باهظا ومحفوفا بنقص من الأموال والأنفس والثمرات.